في واحدة من السوابق القضائية النادرة، قضت محكمة دُبي للأحوال الشخصية في 30 نوفمبر 2020 بإسقاط حضانة أم عن طفلها، بسبب نسيانها إعطاء الدواء للطِفل في أكثر من مُناسبة.
قد سبق للطرفان أن اتفقا على الطلاق في العام 2016 بموجب اتفاقية طلاق وُثقت أمام محكمة دُبي للأحوال الشخصية، وكان الأب قد وافق في هذه الاتفاقية على أن تحتفظ الأم بحضانة الطِفل الذِي كان يبلُغ من العُمر آنذاك 4 سنوات.
وكان الطفل مُصاباً بمتلازمة قلبية خطيرة تستلزم عناية خاصة، وتستلزم عدم تعرُّض الطِفل لِضُغوط عصبية شديدة.
كانت تعمل الأدوية على إبقاء ضغط دم الطفل مُنخفضاً حتى تُبعد الشُريان الأورطي عن أي إجهاد، وهو ما كان يستلزم أيضاً إخضاع الطفل لإشراف طبي مُستمر ودقيق، كما كان ينبغي ألا يتم تغيير الإشراف الطبي إلا فِي حُدود ضيقة للغاية لأن الملف الطبي للمصاب بهذه المتلازمة يجب أن يكون مستقراً يَسير علَى قراءَة مُنتَظِمة للتحَالِيل والأشِعة التِي يقُوم بهَا المُصاب على المَدى البَعِيد..
قدّم الأب أمام المحكمة العديد من مُراسلات الواتساب التي تبادلها مع الأم، والتي تُثبت أن الأم كانت تنسى إعطاء الدواء اليومي للطفل (8 – سنوات وقت قيد القضية) وفقاً لاعترافاتها بنفسها في هذه الرسائل حيثُ كانت تُبرر هذا النسيان بأعذار مُختلفة.
وعلى الرغم من تنوع الأسباب التي عددها الأب في سبيل مُطالبته بإسقاط حضانة الأم عن ابنه، ومنها مثلاً زواج الأم بزوج جديد وإهمالها للطفل وتركه لدى منزل أهلها لساعات طويلة دُون إشراف منها أو مُتابعة إلا أن المُلفت في الحكم الصادر في هذه القضية أن المحكمة قد أسقطت حضانة الأم بالفعل لسبب رئيسي هو تكرار نسيانها إعطاء الطِفل دوائه في الوقت المُحدد وقد استندت المحكمة في ذلك على رسائل الواتساب التي لم تستطع الأم إنكارها أو إنكار حُجيتها.
وهذا الحُكم يُعتبر تطبيق قضائي حقيقي ودقيق لقصد المُشرع الإماراتي من إحاطة مسألة الحضانة بالكثير من الضوابِط والشُروط..
إن المعايير المُجردة والقواعد العامة مثل زواج الأم بزوج جديد غريب عن الطِفل، أو حتى انتهاء سن الحضانة ليست هي ما تنظُر إليه المحكمة أثناء تقييمها لمسألة الحضانة، بينما يُمكن القول أن البوصلة الحقيقية التي تتبعها المحاكم الإماراتية هي مصلحة الطِفل المُباشرة والتي تكشف عنها الكثير من الظُروف المُحيطة والتي تختلف من قضية لأخرى.